السنوسية والاخوان
بسم الله الرحمان الرحيم (وابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا واحسن كما احسن الله إليك .ولا تبغ الفساد في الارض إن الله لا يحب المفسدين ) صدق الله العظيم نبراسا وضعه الامام محمد بن على السنوسي نصب عينة واسكنه قلبة وعلمه إخوانه في كل لقاء يتحدث إليهم فيه كان الامام السنوسي مالكي المذهب إلا انه غير مقيد بقيود التقليد الاعمى .كان يبغض تعصب المتزمتين وسلوك الجامدين فقد استظهر جوهر القران الكريم وفهم معانيه السامية وروحه ونصوصه الصريحة على حقيقتها لما حفظ القران الكريم بجميع الروايات وتدبرها وهكذا اخذ يعمل بتطبيق معانيها نصا وروحا :وبذلك كان حربا على الجمود والتواكل والتعصب والتزمت وكان ينادي بتطهير العقيدة مما الصق بها من خرافات واوهام وشوائب متمسكا بالدين الخالص الذي لا يتمكن المسلم بسواه من تبوء مكانته اللائقة به الدنيا وبه يضمن سعادة الاخرى وكان داعيا صريحا لنبذ الخلافات المذهبية والتي ضررها في نفوس المتعصبين فالسنوسي جاء يدعوا لنصرة دين الحق والانسانية. ويحمل الي جانب مشعل الدين والعلم مشعل الحضارة في هذ الحياة وللحياة الاخرى والي جاب النصوص القرآنية الصريحة في هذه الحياة كان يعتمد قول رسول الانسانية محمدr(اعمل لدنياك كأنك تعيش ابدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا) .
ولمختصر المختصر من الحديث نقول .بعد عودة الامام السنوسي من الحجاز وذلك بعد انشاء اول زواياه الاصلاحية زاوية ابي قبيس بمكة المكرمة عام 1242 هجرية وزاوية المدينة النورة- وجدة –الطائف-وينبع-وبدر :عاد الي طرابلس بقصد العودة الي موقع راسه الجزائر لمناهضة الاستعمار الفرنسي ولما احس الفرنسيون بذلك بثوا عيونهم على الحدود الليبية والتونسية فلم يجد الامام بدا من العودة الي الحجاز وفي طريقه صام شهر رمضان المبارك في مدينة بنغازي وهناك التف حوله الكثيرون لبقائه بليبيا وكان من بين اولئك الشيخ علي الاطيوش عمدة قبائل المغاربة والشيخ ابي بكر حدوث زعيم قبائل الحرابي يوم ذاك واكبر شخصية مسؤولة في الجبل الاخضر-والشيخ أبو اشنيف الكزه اعمدة قبائل العواقير واعيان ووجهاء الكثير من الليبيين .فلم يجد الامام بدا من تحقيق رغبت اولئك السادة وبدا في تأسيس اول زواياه بالقرب من ضريح الصحابي رويفع الانصاري واسماها البيضاء 1275سنة هجرية فأخذت دعوته الاصلاحية تغزو القلوب حيث كانت البادية تتخبط في ديجور مظلم من الجهالة التي ارست اطنابها واستفحل امرها حتى كان بعضها يوصف بالوثنية رغم اعتناقها للإسلام اسميا وبالفطرة ثم واصل الامام السنوسي نشر مراكزة الاصلاحية والتي اسماها بالزوايا .والمشايخ (بالخوان ) في جميع مدن وقرى ليبيا شرقا وغربا وجنوبا فقد استأصلت من القلوب جذور تلك الجهالة وتوطدت اركان العدالة وتخرج من بين تلك الزوايا علماء عاملون يدعون الي الخير وبه يعدلون .
وبفضل ذلك الامام واتبعه من سلفه الصالح ومن اتباع هذه الطريقة الاصلاحية استطاعت ليبيا ان تعتز بعربتها ومكانة دينها الاسلامي واستقلالها الذي انتزعته من بين انياب الزمن انتزاعا وبذاتها المرموقة ومكانتها الدولية لم تكن في الواقع قبل مئة سنة تحلم بتلمس طريق هذا الشرف والغزه وذلك لما كانت فيه وعليه من الجهل المتأصل ومن سلطان القوى القائم على الضعف المستسلم ومن الفوضى الضاربة اطنابها . ولولا الحركة السنوسية التي انجابت امام سناء برقها الوضاء ظلمات الجهل الذي سيطر على النفوس قرونا طويلة. لما سارت ليبيا مملكة دستورية ذات سيادة الحكم فيها للشعب . والتي تضمن دستورها نص المادة (82-103) عدم دخول الاسرة السنوسية في الوزرات – والمجالس النيابية واي شرف لهذه الاسرة اكبر من هذا النص والذي يحمل في طياته ترفع هذه الاسرة الشريفة عن التكالب على الحكم كغيرها من الحكام – فليرفع السنوسيون راسهم عاليا رغم ما لحق بهم حلال 42 عام من حكم الطاغية وليواصلوا مسيرة جدهم في المحافظة على الزوايا والتي كانت مشعل الحرية وليسترجعوا جامعة السيد محمد بن علي السنوسي الاسلامية لتواصل الهدف الذي انشأت من اجله .وحث الاخوان على رص الصفوف لدرء الفتنة كما فعل اجدادهم
ملاحظة :- من اشهر زوايا السنوسية زاوية الجغبوب التي كانت تحتوي على مسجد ومدرسة ودار للضياف ومساكن لشيخ الزاوية والمعلمين وبيت للطلبة ومخزن للمؤن والمهمات ومكتبة تحتوي على اكثر من ثمانية الاف مجلد من الكتب والمخطوطات العربية النفيسة ،وقد نهبها الغزاة الفاشست ودمروها خلال الثلاثينات من هذا القرن وفي سنة 1984 ميلادية تم هدم الضريح بناء على أمر من القذافي .